“يوم بلا ضحك هو يوم ضائع” هكذا قال أسطورة السينما السير تشارلز سبنسر تشابلن،
ذلك الفنان الصعلوك الذي أمضى 75 سنة من حياته يعمل في السينما،
الرجل الذي كان مصدر البهجة الأكبر خلال سنوات الدمار والقتل
حيث الحرب العالمية الأولى وبعدها الثانية على أشدها.
وتلك بعض من الحكايات الطريفة، والتي قد لا نجدها “غريبة” إذا ما كان في ذهننا أثناء قراءة
تلك الحكايات كل المفارقات العجيبة التي كان يمثلها ويرويها شارلي من خلال أفلامه.
1- شارلي شابلن والفن “غير المحترم”
غالبًا ما توصف أعمال شارلي شابلن بالكوميديا العاطفية، لكن المثير أنه حينما بدأت شهرته
وذاع صيته في عشرينات القرن الماضي كان أصحاب الطبقة الوسطى يعتبرون فنه غير جدير بالاحترام،
فقد ذُكر في كتاب صدر عام 2011 عن نجوم فترة العشرينات من القرن الماضي أن أحد الكتاب عام 1915
وصف طريقة مشي شارلي شابلن التي ابتكرها كجزء من الكوميديا بأنها مشية بغيضة وغير كوميدية،
وقد انتشر في ذلك الوقت بين الجمهور أن العصا التي يمسكها شابلن أثناء التمثيل هو ليس بحاجة لها،
لكنه يستخدمها في التحرش بالفتيات! ويمكن القول أن الأفلام بشكل عام
في ذلك الوقت كانت تعتبر وسيلة متدنية للترفيه.
فمثلا حينما مثل في فيلم له عام 1936 في فترة سطوعه مشهدا يحاول فيه التغلب
على رغبته في إطلاق “غازات”، فأمر مثل هذا جعل شابلن حديثا للناس وقتها.
2- قضية إثبات النسب
في عام 1942 ربطت علاقة غير شرعية بين شابلن وامرأة تدعى باري جون،
في الوقت الذي كان شابلن ينهي فيه علاقته الزوجية القائمة آنذاك، وسرعان ما أنهى علاقته بباري،
لكن عام 1943 ادعت باري أنها وضعت طفلا من شابلن وأقامت دعوى لإثبات نسب الطفل،
في البداية فاز شابلن بالقضية عام 1944 بعد أن أثبتت تحاليل الدم أنه ليس والد الطفل.
وكان وكيل النيابة جوزيف سكوت قد طعن على الحكم واستطاع إثبات أن نتائج تحليل الدم
لا تُقبل كأدلة قانونية، وبسبب ذلك تكبد شابلن دفع عشرات الآلاف من الدولارات كنفقة لتربية الطفل
غير المتأكد من كونه والده، ومنذ ذلك الحين سنت تشريعات جديدة
تضمن نتائج فحوص الدم كدليل قانوني في قضايا إثبات النسب.
3- فيلمه المُهرب
كان فيلمه “الطفل” عام 1921 هو معجزة شابلن الإخراجية الأولى، وهو الفيلم الذي اشتهر بعد تطبيق قانون
عمل الطفل حيث حكم على الطفل جاكي كوجان الذي مثل بجوار شابلن نتيجة
هذا القانون بتسليم الأموال التي جناها من عمله بالفيلم إلى والديه.
وحول ذلك الفيلم فقد مر شابلن معه بأكثر المواقف غرابة في حياته، حيث بالتزامن مع إنهائه
تصوير فيلمه في كاليفورنيا والبدء في المونتاج كان قد بدأ في إجراءات طلاقه من زوجته الأولى ميلدريد هاريس،
فأرادت الزوجة الحجز على فيلمه الجديد الذي أنفق عليه نصف مليون دولار في تصويره،
فلجأ شابلن إلى الحيلة، فقام بوضع 122 ألف متر من الفيلم في عبوات قهوة وقام بتهريبها
إلى مدينة البحيرة المالحة في ولاية يوتاه الأمريكية، وهناك بدأ في تقطيع الفيلم في أحد الفنادق،
وبعد ذلك هرب الفيلم للمراجعة الأخيرة في نيو جيرسي، وفي تلك الفترة التي قام شابلن فيها بتهريب
الفيلم كان يسافر تحت اسم مستعار خوفا من ضبطه من قبل المحكمة.
4- تجربته مع الصوت في الأفلام
مع تطور صناعة السينما ودخول الصوت الأفلام ليصبح أحد العناصر الأساسية في تلك الصناعة
صمم شابلن أن أفلامه ستكون صامتة، حتى أنه عام 1931 أنتج فيلمه “أضواء المدينة”
وسخر في بداية الفيلم من فكرة توظيف الصوت في الأفلام عن طريق تصوير أشخاص يتحدثون وتغطي
على أصواتهم صخب المزامير، ليكون فيلم “أزمنة حديثة” عام 1963 آخر أفلام شابلن الصامتة.
لكن قبلها عام 1942 أصبح شابلن أكثر تقبلا لفكرة إدخال عنصر الصوت على الأفلام،
فقام بتعديل أحد أفضل كلاسيكياته الصامتة “حمى الذهب” ليضيف إليه سردا يؤديه بصوته،
وتعتبر كل أفلامه التالية لـ”الديكتاتور العظيم” مثقلة بالحوار الذي ربما طغى بشكل ملحوظ على العنصر البصري.
5- أفضل أفلامه
أجمع النقاد على أن بعضا من أفلام شابلن الصامتة هي أفضل أفلامه بل من أفضل الأفلام في تاريخ السنيما
في القرن الـ20 على الإطلاق، وفي تصنيف معهد الفيلم الأمريكي لأفضل 100 فيلم للقرن الـ
20 احتل فيلم شابلن “أضواء المدينة” المركز 11، وفيلمه “حمى الذهب” المركز 58، وفيلمه
“أزمنة حديثة” المركز 79. ولذلك فقد تعتقد أن أحد هذه الأفلام هي المفضلة لدى شابلن.
لكن في الحقيقة فإن شابلن يعتبر فيلمه الملون الوحيد “كونتيسة من هونج كونج”
(بطولة مارلون براندو وصوفيا لورين) الذي أنتجه عام 1967 أفضل أفلامه على الإطلاق.
وقد اختلف النقاد والجماهير مع شابلن بشدة حول جودة هذا الفيلم، لدرجة أن بعضهم قال أن العنصر الوحيد الناجح
في هذا الفيلم هو أداء المغنية بيتيولا كلارك لأغنية “هذه أغنيتي” والتي كتبها شابلن.
6- شابلن والشيوعية
تعرض شابلن في أواخر عام 1976 للمراقبة الشديدة من مكتب التحقيقات الفيدرالي
بعد الاشتباه في كونه عميلا للشيوعية، حيث بعث مكتب التحقيقات الفيدرالية نتائج مراقبته الدقيقة
إلى نظيره البريطاني MI5 في محاولة للوصول لأي دلائل لعمالة شابلن للشيوعية ومن ثم طرده خارج أمريكا،
لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي ونظيره البريطاني لم يجدا أي دليل ضده،
وبالرغم من ذلك ظل شابلن ممنوعا من العودة إلى الولايات المتحدة منذ عام 1952.
لكن الغريب في فترة المكارثية الأمريكة تلك كان المبرر الذي استعان به رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية
ليمنع عودة شابلن للولايات المتحدة آنذاك، حيث نشر وفق الوثائق فإن سبب المنع كان مشهد
من فيلم شابلن القصير “المهاجر” والذي أنتجه عام 1917، حيث يظهر فيه شابلن ضمن مجموعة
من المهاجرين إلى الولايات المتحدة وكرد فعل له على سوء معاملتهم كمهاجرين قام بركل ضابط الهجرة
الذي يتفقدهم، وهو ما رآه هوفر سببا كافيا لحرمان شابلن من دخول الولايات المتحدة لأكثر من 30 عاما بعدها.
7- المشاهد المحذوفة تكوّن فيلما
قرر شابلن عام 1918 أن ينهي تعاقداته مع شركة ستديوهات إيساناي ليصبح منتجا مستقلا للأفلامه،
لكن الشركة طالبته – وبحسب الاتفاق بينهم – بعمل المزيد من الأفلام قبل مغادرته، لذلك ابتكرت الشركة
حلا غريبًا بعد قرار شابلن بالرحيل الفوري، حيث قررت تجميع المشاهد التي حذفها شابلن
من أفلامه بالإضافة إلى مشاهد من أطول فيلم غير مكتمل صنعه شابلن بعنوان “حياة” وتكوين فيلم آخر جديد،
وتعاقدوا مع ممثلين لتأدية بعض مشاهد الربط بين الأحداث، وبالفعل أنتج فيلم بعنوان “المشكلة الثلاثية”.
غضب شابلن لهذا الحل، واعترض على تكوين فيلم من مجموعة مشاهد قد اقتصها من أفلام
له لأسباب قد تتعلق بالأداء أو الخطأ في التصوير أو غير ذلك من عيوب، وتوقع أن يقابل الفيلم
في الصحافة بالنقد، وبالفعل فأغلب النقاد وافقوا رأي شابلن على أن الفيلم دون المستوى.
8- الكثير من شابلن لكن مزيفون
في أواخر القرن الماضي ظهرت موضة أن يقلد بعض الممثلين مظهر شابلن،
وقد برع منهم البعض بالفعل، لدرجة أن بعض صناع الأفلام صرحوا بكون شابلن هو من يقوم بتلك الأدوار،
ومن ضمن هؤلاء الممثلين كان بيلي ريتشي، ستان جيفرسون،
والأكثر شهرة بيلي ويست والذي انتحل هيئة شابلن لسنوات.
تعليقات
إرسال تعليق